Dwelling inside the belly of matter by Federica Bueti
٢١ يونيو ٢٠١٥
العيش في رحم المادة
فيديريكا بويتي تكتب عن أعمال مهرانه أتاشي
لندعه يكبر. لندعه يتألق. لندعه يذوب. ماذا إذا بدأ جسم العمل الفني في إعمال
تفاعلاته الداخلية الخاصة به؟ الأشياء تأخذ منحى سلوكيا غريبا. المخلوقات العضوية
تكبر انطلاقا من مادة خاملة وتسربات طاقة حيوية وعمليات صهر ثم تتصلب في شكل
جوزة متقدة. هذا ما يحدث في عمل مهرانه أتاشي. يحدث اهتزاز للعمل بكل حرية.
هل هذه هلوسة؟ لا يفترض أن يحدث العمل الفني مثل هذا المفعول - أن يكون مخيفا
للغاية أو واقعيا للغاية.
في عمل مهرانه أتاشي، الحركة واللاحركة في تغير دائم. لذلك فهي تمس البعد الخارق
لطبيعةعمليةالتحولوكذلكبعدهالدنيويالممتع.عملهاالفنيالمصّور«المكانالذي
أعيش فيه» (2014) مثلا يشبه نظاما بيئيا غنيا تنمو فيه الحياة وتنتشر بكل أشكالها
الممكنة العضوية وغير العضوية. كائن حي ينبض ، أجزاؤه تتكون من مواد مثل المعدن
أوالنارأوالماءأوالعجينأوالفاكهةالمجّففةأوالبلاستيكأوالزيتأوالبوليسترأو
الأصباغ أو الرمل أو القواقع أو أضواء النيون أو الطلاء أو الذباب. هذا يمكن أن يكون
مختبر شخص متخصص في الكيمياء القديمة كما يمكن أن يكون ورشة في فناء خلفي في
زقاق بطهران. توجد أشياء كثيرة؛ بعض الأشياء ساكنة، وأخرى تنمو أو تختمر أو تتأكسد
أو تنصهر أو تتخ ّثر. صنعت الفنانة بعناية بيئة تتجدد ذاتيا. يحدث الكثير في العمل الفني
لمهرانه أتاشي، ويحدث أيضا بنفس القدر في خيال المشاهد. تجربة القطعة الفنية بر ّمتها
عندما تجد نفسك داخل رحم يضج بالحياة لتكتشف في النهاية أن الأمر كله هو أنك
عشت بالفعل داخل هذا الرحم ، تقترب من كونك جزءا من هذه التفاعلات الداخلية.
يوجد شيء مغر في العالم المادي الهائل، ولكنه في الوقت نفسه يصدم بصورة مذهلة
حيث تتغير الأمور وتتسع وتنكمش. الخلق ينطوي على التدمير، والنمو يشمل الندرة
والتفكك يقترب من التجمد. ولكن كيف تصنع عالما لا ينهار في يومين ؟
مهرانه أتاشي تهتم بهذه المسألة. تخلق الفنانة بيئات تعتبر صورا مادية للمساحات الواقعية - أماكن ساحرة ومناظر طبيعية تثير الأحاسيس. إن ما يجعل التحول مثيرا ومخيفا في الوقت ذاته ليس حدوث أشياء كثيرة وإنما نوع التغييرات التي تتولد عنه وكيفية تعبير الأجواء المحيطة عنها والكيفية التي يكافح بها الأفراد في سبيل الاحتفاظ بوحدة الحياة والاستمتاع بلحظات إثارة وانفعال في الوقت ذاته. الطريقة التي يستجيب بها العجين للهواء أو الأصباغ مثلا أو الطريقة التي تحدث بها التفاعلات الداخلية - نفس الطريقة التي تتعامل بها الروح الإنسانية مع الأحاسيس والأحوال النفسية. عملها الفني «هذا سطح تتحول فيه سلبية العنف ويتحول الحلم إلى منظر طبيعي» (2015 ) مثلا، هو عبارة عن منظر طبيعي يتألف من صحائف من البلاستيك الأصفر حيث أياد من البوليستر تحيط بجبال وصناديق أغذية من البلاستيك - زاخرة بالرمل المختلط بالأصباغ والعجين والقواقع والزيت المعالج والخميرة - تصنع الإطار الخارجي لبلاد تخيلية. ما الذي نتطلع إليه؟ مهرانه أتاشي تصنع مساحات مجازية حيث الذكريات تتجمد لتأخذ أشكال أشياء ذات خواص سحرية، والألوان تصبح كائنات حية، والمعنى يطير بعيدا والعجين يصبح عقيدة، والتخ ّمر يصبح شكلا من أشكال السلوى. كل شيء يبدو في حالة دائمة من التحول ويكون دائما ساكنا بالفعل. إن الذي يميز أعمال مهرانه أتاشي هو أنها مخصصة لاحتمال تحول الأشياء، كما هي، إلى تجربة مفعمة بالأحاسيس في العالم المادي. في التجربة العملية للفنانة، تقترن معرفة كينونة الأشياء بالإحساس بالأشكال التي يمكن أن تتحول إليها، والذكريات التي تعاود الظهور مرة أخرى لترتبط بها. الذكريات التي تماثل المادة تظهر وتختفي ثم تظهر مرة أخرى وتكون متحولة. تعتنق مهرانه أتاشي بصدق مبدأ التحول الدائم الخالد وممارستها هي فلسفة تأكيد لبهجة الحياة.
فيديريكا بويتي هي كاتبة، قيمة وباحثة تعيش في برلين.