مما لا شك فيه أنّ للإستدامة انعكاسات على كافة نواحي النشاط البشري تقريباً؛ ففكرة الإستدامة ليست بمسألة جديدة. وثمة أمثلة عديدة عن أجيال ومجتمعات سابقة دمجت الممارسات المستدامة بصورة تلقائية ضمن أساليب الحياة وفن العمارة والبنيان الإجتماعي السائدة آنذاك. وفي حين لا تزال مسألة اعتبار الفن المستدام بمثابته تياراً أو حركة حتى – وهي مسألة ربما نشأت عن التجارب الفنية في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات- موضعَ جدل، لا ريب أنّه يحظى باهتمام كبير لدى العديد من الفنانين. وفي هذا المعرض المعنوَن بِ"الهوية المستدامة"، نتناول الإستدامة من منظور اجتماعي. وأثناء تشجيع الفنانين على التفكير في استخدام المواد فضلًا عن الإهتمامات البيئية، سعينا من خلال دعوة مفتوحة للكشف عن فنانين يتعاملون مع مسائل الهويات المستدامة، والوراثة واستدامة الممارسات الفنية.

وعبر الإشارة إلى الإستدامة بصفتها القدرة على الإستمرار، والحصول على الدعم، أو التأييد أو التصديق، قمنا بإعداد المعرض بحيث يشمل أعمالًا ترتبط بحاضرنا الحالي. لا تُسهب هذه الأعمال في التطرق إلى شعورالحنين المشترك، إنما تحتفي بالمعرفة والشعائر الموروثة وبالفكر الجماعي. علاوة على ذلك، تظهر كلّ منها تفسيراً فريداً للاستدامة، كاشفةً عن مجموعة من القراءات ومانحةً نظرة ثاقبة حول ارتباط الفن والفنانين بالوضع الحالي للعالم حولنا فضلًا عن انخراطهم فيه.

جدير بالذكر أنّ المعرض متعدد التخصصات، إذ يتراوح من طبعات شمسية تستعرض النباتات البرية الأصلية في الإمارات العربية المتحدة، وصور فوتوغرافية تستكشف مستقبل العالم المحتمل، إلى أعمال نحتية تتناول علاقتنا مع البيئة. هذا وتتجه أعمال عديدة نحو الهوية، لا سيما ضمن إطار الإمارات العربية المتحدة، مؤديةً إلى طرح تساؤلات حول مدينة غالباً ما توصف بأنها "مؤقتة".فكيف نؤكد ونبني هوية الأمة بحيث يطول عمرها مع تعزيز الإرث في سبيل استدامة الهوية المستقبلية وليس

فقط البقاء على قيد الحياة؟

من ناحية أخرى، تتناول الأعمال الأخرى العناصر التي تساهم في استدامة ممارسة الفنان؛ هل تخضع الفكرة أو المشروع أو العملية المكررة للتقييم المستمر من قبل الأقران أم من قبل التأمل الذاتي؟ تستكشف بعض الأعمال طريقة تحديد العناصر الأساسية في عملياتنا- سواء أكانت متعلقة بالمواد المستخدمة أو بالخطوات المتخذة – فهذا سيتيح لنا الحفاظ على الزخم، والديناميكية والإلتزام لنتمكن في نهاية المطاف من إيصال أهداف. إن القاسم المشترك بين جميع الأعمال المختارة هو الأمانة والدقة في تجسيد المفهوم الذي يتسم بالتوازن والوضوح عبر فهم المواد والعملية. وهذا يصبّ في إلتزامنا بدعم الفنانين في ممارساتهم اليومية، فضلًا عن الحفاظ على مجتمع مؤلف من جيل فنانين متميزين ممّن يعيشون ويعملون في الإمارات العربية المتحدة.

الفنانيين:

عفراء الظاهري وعلياء داوود وبوب دهم ومجموعة م.ف.ا وكولين كويجلي وفاطمة البدور وحسنة محمود وجيف سكوفيلد وجوني فارو وكاري س دال وميثاء دميثان وناز شاروخ وساهر سمّان وتوم باجلي وزلاتان فليبوفيك

الأعمال الفنية المعروضة